( وجوه نبيلة ) قصةقصيرة
2 - " أبلة زينب "
دمها خفيف جداً .. تتنفس الضحك ، كنت أعرف .. حتى وهى تشتم البنات فى الفصل تنتقى شتائمها بكوميديا خاصة تضحك البنات وتدفعهن لتسجيل سيل الشتائم اللذيذة فى آخر كراسات العلوم .. لكن اكتشافى الحقيقى لها لم يبدأ إلا وهى تتأبط ذراعى فجأة وتنتزعنى من الباص قبل وقوفه لتجبرنى على الجرى معها ، متجاهلة كل نظرات استنكار الزملاء وهى تعلن بصوت عال أننى مخطوف طوال الرحلة .. سنواتها الأربعون تجعلنى أصر على: "أبلة زينب" بينما تهمل ببساطة كلمة أستاذ .. حذرتنى من تصديع رأسها بحرف واحد من الأشعار الكئيبة التى لا تعرف كيف أحفظها ، ولم تنقطع قفشاتها لحظة واحدة ... لا أعرف كيف أصبح "إبراهيم باشا" رغبته فى العدو خلفها بحصانه لما أعطتنى الكاميرا لأصورها وهى تخرج لسانها لـ "أبو خليل" كما أطلقت عليه .. لن أنسى منظرها فى حديقة الحيوان عندما سألتها لماذا تحرص على تصوير "السيد قشطة" بالذات ، انحنت أمامه بإجلال وهى تهمس بجدية مصطنعة: إنه أحد أفراد العائلة المحترمة .. ضبطتنى فى "خان الخليلى" متلبساً بشراء مكحلة تذكرنى بمصباح "علاء الدين" ، فسألتنى ضاحكة عن اسم محبوبة القلب .. تركتها تستدرجنى للحديث عن نفسى وأنا ألاحظ تهربها الدائم من إجابة سؤال واحد عنها ... وجهها معبر جداً ويحمل كثيراً من نبل عالم مفقود ؛اعترفت لها ، ثم تجرأت أكثر فتمنيت ألا تفسد ملامحها الرائقة بالأصباغ هكذا ..
شكرتنى بابتسامة شاردة ، قائلة إن وجهها العجوز لا يصلح بكل أسف ملهماً لى .. قلت لها إن مكانها الحقيقى ليس هنا ،ولما سألتنى باهتمام: أين ؟ ، أجبت ضاحكاً: "فى النار" .. زلزلتنى صرختها وهى تدفن وجهها بين كفيها ، لتسافر ملامحها بعيداً خلف عدة قطرات ملحية غالية ... خيل إلى أنها استرقت النظر إلى نقطة ما خلفى ، لكنى لم أجد سوى لافتة مستشفى الحسين حيث اتفق أفراد الرحلة على التجمع .. بسرعة اتجهت إلى الباص وتركتنى حائراً فى سر انطفائها المفاجئ.
- تمت بحمد الله -
إيهاب رضوان
2 - " أبلة زينب "
دمها خفيف جداً .. تتنفس الضحك ، كنت أعرف .. حتى وهى تشتم البنات فى الفصل تنتقى شتائمها بكوميديا خاصة تضحك البنات وتدفعهن لتسجيل سيل الشتائم اللذيذة فى آخر كراسات العلوم .. لكن اكتشافى الحقيقى لها لم يبدأ إلا وهى تتأبط ذراعى فجأة وتنتزعنى من الباص قبل وقوفه لتجبرنى على الجرى معها ، متجاهلة كل نظرات استنكار الزملاء وهى تعلن بصوت عال أننى مخطوف طوال الرحلة .. سنواتها الأربعون تجعلنى أصر على: "أبلة زينب" بينما تهمل ببساطة كلمة أستاذ .. حذرتنى من تصديع رأسها بحرف واحد من الأشعار الكئيبة التى لا تعرف كيف أحفظها ، ولم تنقطع قفشاتها لحظة واحدة ... لا أعرف كيف أصبح "إبراهيم باشا" رغبته فى العدو خلفها بحصانه لما أعطتنى الكاميرا لأصورها وهى تخرج لسانها لـ "أبو خليل" كما أطلقت عليه .. لن أنسى منظرها فى حديقة الحيوان عندما سألتها لماذا تحرص على تصوير "السيد قشطة" بالذات ، انحنت أمامه بإجلال وهى تهمس بجدية مصطنعة: إنه أحد أفراد العائلة المحترمة .. ضبطتنى فى "خان الخليلى" متلبساً بشراء مكحلة تذكرنى بمصباح "علاء الدين" ، فسألتنى ضاحكة عن اسم محبوبة القلب .. تركتها تستدرجنى للحديث عن نفسى وأنا ألاحظ تهربها الدائم من إجابة سؤال واحد عنها ... وجهها معبر جداً ويحمل كثيراً من نبل عالم مفقود ؛اعترفت لها ، ثم تجرأت أكثر فتمنيت ألا تفسد ملامحها الرائقة بالأصباغ هكذا ..
شكرتنى بابتسامة شاردة ، قائلة إن وجهها العجوز لا يصلح بكل أسف ملهماً لى .. قلت لها إن مكانها الحقيقى ليس هنا ،ولما سألتنى باهتمام: أين ؟ ، أجبت ضاحكاً: "فى النار" .. زلزلتنى صرختها وهى تدفن وجهها بين كفيها ، لتسافر ملامحها بعيداً خلف عدة قطرات ملحية غالية ... خيل إلى أنها استرقت النظر إلى نقطة ما خلفى ، لكنى لم أجد سوى لافتة مستشفى الحسين حيث اتفق أفراد الرحلة على التجمع .. بسرعة اتجهت إلى الباص وتركتنى حائراً فى سر انطفائها المفاجئ.
- تمت بحمد الله -
إيهاب رضوان