( مكعبات ) قصة قصيرة
كعادته كل مساء كان جالسا بالحجرة المغلقة وحيدا أمام المكعبات..مرسوم على كل مكعب جزء صغير من صور عديدة..يضع المكعب بجوار الآخر وحين يكمل صورة ما بشكل سليم ؛ تلمع عيناه بالسعادة..كعادته كل ليلة أيضا يبدأ أولا فى رسم البيت..يضع المكعبات الملونة بعضها فوق بعض و فى ثوان يكون صورة البيت..يبتسم..يرفع عينيه إلى صورة والده الراحل ، يحفر ملامحه فى ذهنه جيدا و يصف المكعبات بسرعة ليرسم رجلا يخيل إليه أن ملامحه نفس ملامح والده الحبيب..يبتسم..يرفع عينيه إلى صورة والدته التى غادرت الدنيا فى اللحظة التى جاء هو فيها..بأصابع مرتعشة يمسك المكعبات..يعلم أنه سيفشل مثل كل ليلة، لكنه يحاول..ينظر إلى صورة والدته فى أمل..تراها غضبت عليه لأنه كان سبب موتها؟..تمتلئ عيناه بالدموع ويحاول من جديد لكنه يفشل..المكعبات السخيفة تصر ألا تستجيب لأصابعه...
يحس فى هذه اللحظة كم هو خائب.. يترك المكعبات قليلا ويحدق فى اللاشئ.. يتذكر عمه -ضابط الجيش-الذى تولى تربيته.. فى تلقائية يضع كفه على خده الذى تلقى كثيرا من صفعات عمه القاسية.. يتلفت حوله فى قلق خشية أن يراه أحد.. حتى اللعب بالمكعبات محرم عليه.. يمسك المكعبات ثانية ليحاول تكوين صورة والدته ربما للمرة العشرين.. وبينما هو غارق وسط المكعبات ، ينفتح الباب.. ينظر إلى الواقف بالباب فى رعب.. يسمع صوته :"الله! بابا هو إنت اللى مش بتعرف تكون الصورة كل يوم؟!".. يتلعثم.. أخيرا ضبط متلبسا.. ببراءة سنواته الست يتقدم طفله.. "إيه رأيك كده يا سى بابا " ؟! .. ينقل بصره بين صورة والدته وبين الصورة التى صنعها طفله فى ثوان.. يحتضنه و ينفجر باكيا..
- تمت -
إيهاب رضوان
كعادته كل مساء كان جالسا بالحجرة المغلقة وحيدا أمام المكعبات..مرسوم على كل مكعب جزء صغير من صور عديدة..يضع المكعب بجوار الآخر وحين يكمل صورة ما بشكل سليم ؛ تلمع عيناه بالسعادة..كعادته كل ليلة أيضا يبدأ أولا فى رسم البيت..يضع المكعبات الملونة بعضها فوق بعض و فى ثوان يكون صورة البيت..يبتسم..يرفع عينيه إلى صورة والده الراحل ، يحفر ملامحه فى ذهنه جيدا و يصف المكعبات بسرعة ليرسم رجلا يخيل إليه أن ملامحه نفس ملامح والده الحبيب..يبتسم..يرفع عينيه إلى صورة والدته التى غادرت الدنيا فى اللحظة التى جاء هو فيها..بأصابع مرتعشة يمسك المكعبات..يعلم أنه سيفشل مثل كل ليلة، لكنه يحاول..ينظر إلى صورة والدته فى أمل..تراها غضبت عليه لأنه كان سبب موتها؟..تمتلئ عيناه بالدموع ويحاول من جديد لكنه يفشل..المكعبات السخيفة تصر ألا تستجيب لأصابعه...
يحس فى هذه اللحظة كم هو خائب.. يترك المكعبات قليلا ويحدق فى اللاشئ.. يتذكر عمه -ضابط الجيش-الذى تولى تربيته.. فى تلقائية يضع كفه على خده الذى تلقى كثيرا من صفعات عمه القاسية.. يتلفت حوله فى قلق خشية أن يراه أحد.. حتى اللعب بالمكعبات محرم عليه.. يمسك المكعبات ثانية ليحاول تكوين صورة والدته ربما للمرة العشرين.. وبينما هو غارق وسط المكعبات ، ينفتح الباب.. ينظر إلى الواقف بالباب فى رعب.. يسمع صوته :"الله! بابا هو إنت اللى مش بتعرف تكون الصورة كل يوم؟!".. يتلعثم.. أخيرا ضبط متلبسا.. ببراءة سنواته الست يتقدم طفله.. "إيه رأيك كده يا سى بابا " ؟! .. ينقل بصره بين صورة والدته وبين الصورة التى صنعها طفله فى ثوان.. يحتضنه و ينفجر باكيا..
- تمت -
إيهاب رضوان