مصر والجزائر .. وسليمان الحلبي !!
في
البداية احُب أن اسجل اجلالي وتقديري للشهيد البطل سليمان الحلبي الذي
اعلم جيداً اعماله البطولية والرجولية المجيدة, ولكن ورود
اسمه في مقالي البسيط ما هو ألا مجرد فكرة اتمنى الا تزعج احد.
تخيل
نفسك صديقي القارئ ان منتخب مصر فاز علي زامبيا الشهر الماضي وأصبح
رصيده 10 نقاط ولدينا مباراة رواندا بعد ايام على ارضنا وبين جماهيرنا
والفوز فيها مضمون برباعية او خماسية ليصبح بيننا وبين التأهل للمونديال
مباراة واحدة.
لم
نكتفى بهذا وحسب, بل يأتي منتخب رواندا بعدها بشهر لنفوز عليه برباعية,
ونذهب جميعا إلى شارعي جامعة الدول العربية وعباس العقاد وشوارع مصر و"بيب
بيب بب بب بيب" وسهرنا للصباح نحتفل ونرقص, فالفارق أصبح ثلاث نقاط
و 6 اهداف قبل المباراة الاخيرة لنا امام الجزائر في
"الجزائر" , ياله من شعور!!.
وتدور
احاديثنا الجانبية والعلنية مابين "احنا الفراعنة واحنا واحنا, مش ممكن
نخسر 3 - صفر من إي فريق , احنا ابطال افريقيا" , وإذا بنا نفاجئ يوم
المباراة بمنتخبنا ينهزم بثلاثية نظيفة ويخطف لاعبو الجزائر بطاقة الصعود,
لك ان تتخيل شعور سليمان الحلبي حين تم اعدامه على "الخازوق".
بالعودة
إلى الواقع, فالكل في الجزائر متيقن ان منتخب بلاده صعد لنهائيات كأس
العالم وان الحصول الرسمي على التذكرة مسألة وقت , فالفريق هزم اقوي فرق
المجموعة مصر وزامبيا ويتبقى له اضعف فرق المجموعة والفوز عليها مضمون.
اللاعبون
جهزوا انفسهم للمشاركة في المونديال , فتري اغلب اللاعبين المهاجرين إلى
فرنسا من أصل جزائري يبدون رغبتهم في اللعب للمنتخب الجزائري, وتري لاعبو
المنتخب الحاليين يصرحون بمناسبة وبدون ان المنتخب الجزائري "ده روحي روحي
روحي".
والجهاز
الفني بقيادة رابح سعدان يصرح انه يستطيع الفوز بفريقه المرعب على ابطال
افريقيا 2006 و 2008 على ارضهم ووسط جماهيرهم وأن تأهل فريقه للمونديال
اصبح مسألة وقت, وصار يوزع تصريحات هنا وهناك تشير إلى قوة منتخب بلاده
وقرب عودته للمونديال بعد غياب 24 عاماً.
لن
اخوض في مباراتي الجولة الخامسة كثيراً لكن كل ما اريد ذكره, هو ان
المنتخب الامريكي في بطولة كأس العالم للقارات بعد الهزيمتين في مباراتيه
الاولى والثانية امام ايطاليا والبرازيل لم يكن اغلب لاعبيه يعلموا ان
لديهم فرصة في التأهل للدور قبل النهائي , وجهز الكثير منهم حقائبه
لمغادرة جنوب افريقيا.
وحين
تأكد الفريق ان لديه فرصة لا تتعدى الـ1 % مرتبطة بعدم تسجيل اي لاعب في
فريقي مصر وايطاليا اي اهداف, مما يعني ان كرة طائشة من 22 لاعب مصري
وايطالي تهز الشباك ستجعل الامريكان يعودا إلى بلادهم بخفي "اديداس",
لكنهم لعبوا برجولة وبذلوا الجهد ولم يبخلوا بالعرق لتخدمهم الظروف
ويتأهلوا بكل جدارة وإستحقاق, بل ويصلوا لنهائي البطولة.
منتخب
مصر فرصته في التأهل أكبر من فرصة منتخب امريكا المذكورة سلفا عليه ان
يلعب بإصرار ويبذل اللاعبون الجهاز الفني كل مافي وسعهم من تفاني وجهد
وعرق لينالوا شرف الوصول لمبتغاهم وأعتقد اننا لن نحزن اذا حاولوا و"كانوا
رجالة" ولكن ارادة الله لم تشأ.
ومن
الممكن ان يقول قائل ان كاتب المقال ومؤيديه هم من سيشعروا بشعور
سليمان الحلبي في نهاية المطاف, ارد قائلاً "كلا البتة" , فالكثيرون حولنا
فاقدين الامل في التأهل للمونديال, وفكرة عدم التأهل تلوح امامنا يومياً
من زملائنا بالعمل واصدقائنا في الجامعة واخواننا في المنزل وهكذا.
لن
نشعر بشعور الحلبي حينها, لأننا نعلم ان فرصتنا اقل من فرصة الجزائر,
ونعلم ايضاً انها ساحرة مجنونة لاتعترف بالمنطق ولا بالحسابات المسبقة,
لكن الشعور الحقيقي الاحباط المصاحب بالحزن الشديد هو حين تستعد ومن معك
إلى السفر والاحتفال وتفاجئ بفرعون صغير يفسد كل ما رتبته على مدار شهور.
ما
ابشع الشعور بهذ الإحساس بعد سماعك للاغاني الوطنية الكروية على غرار لو
سألتك انتا مصري تقولي ايه وياحبيبتي يامصر ووالله وعملوها الرجالة على
مدار ايام وشهور لتجد نفسك في النهاية خارج المونديال تشاهده من المنزل او
جالساً على "كوفي شوب".
اخيراً..
تخيل صديقي القارئ حجم الفرحة بعد المعاناة حين يحقق منتخب مصر التأهل
الصعب ويتفوق على زامبيا يوم السبت وعلى الجزائر في الشهر القادم ونرى
الحلم يتحقق امام اعيننا لتبدأ الاحتفالات الحقيقية, بدلاً من الاحتفال
قبل الاوان والافاقة في النهاية على الشعور "بالخازوق".